أزيلال زووم ـ الإدارة
بقلم : عبد اللطيف شكير
في كل مناسبة عيد، ومع عودة أبناء القرى والمداشر إلى مناطقهم الأصلية، تتجدد الاحتجاجات التي تطالب بأبسط حقوق العيش الكريم: طرق صالحة، مستشفيات مجهزة، مدارس تحفظ كرامة التلاميذ، ومياه صالحة للشرب. ومع كل موجة احتجاج، تخرج بعض المنابر الإعلامية لتتهم المحتجين بـ"الابتزاز السياسي"، وكأن رفع الصوت في وجه الإهمال أصبح جريمة، وكأن طلب الحقوق بات مشبوهًا.
لكن دعونا نتساءل: من الذي يمارس الابتزاز الحقيقي؟ هل هو المواطن الذي يطالب بأبسط حقوقه بعدما عايش أهله طيلة السنة وهم يعانون الإقصاء والتهميش؟ أم المنتخب الذي يظهر في موسم الانتخابات بوعود زائفة ثم يختفي لأربع سنوات؟ أم المسؤول الذي يتذرع بنقص الموارد وهو الذي يهدر المال العام في مشاريع غير ذات جدوى؟
إن محاولة إفراغ الاحتجاجات من مضمونها الاجتماعي وربطها بمؤامرات سياسية هو هروب إلى الأمام، هدفه التشويش على المطالب الحقيقية وتبرير فشل السياسات المحلية. فهذه الاحتجاجات ليست "موسمية"، بل تعبير متراكم عن معاناة مستمرة، ولو أن الخدمات الأساسية كانت متوفرة لما اضطر أحد إلى النزول إلى الشارع، سواء في العيد أو غيره.
إن منابر الإعلام التي تحاول شيطنة هذه الحركات الاحتجاجية مطالبة بأن تتحلى بالحد الأدنى من المهنية، وألا تتحول إلى أبواق تبرر الإهمال وتُبرّئ الفاعلين الحقيقيين من مسؤولياتهم. فالمواطن القروي لم يختر أن يعيش دون مستشفى، ولم يصوّت لصالح العزلة والتهميش، لكنه يجد نفسه ضحية سياسات فاشلة ثم يُتهم بالابتزاز عندما يطالب بحقه.
في النهاية، المشكلة ليست في الاحتجاجات، بل في الأسباب التي تدفع الناس إليها. والحل ليس في مهاجمة المحتجين، بل في الاستجابة لمطالبهم . فهل نملك الجرأة على مواجهة الحقيقة، أم سنواصل البحث عن شماعات واهية؟