عقدت المحكمة المركزية في القدس جلسة تمهيدية قبيل بدء جلسات المحاكمة الرسمية لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أمس الأحد، للبت في طلبه إلغاء لائحة الاتهام ضده في 3 قضايا رشى وفساد.
وحاول محامو نتنياهو إقناع المحكمة بضرورة إغلاق الملفات، علماً بأن المحكمة ستصدر قرارها بهذا الشأن في وقت لاحق. لكن خبراء في القانون أعربوا عن تقديرهم بأن من شبه المستحيل أن تقبل وجهة نظر نتنياهو، وقد توجه المحكمة انتقادات شديدة له على إهدار الوقت في أمور شكلية.
وجاءت هذه الجلسة وسط أجواء غليان في الحلبتين السياسية الإسرائيلية. فمن جهة؛ تستمر المظاهرات الشعبية ضده في جميع أنحاء البلاد، للأسبوع الخامس والعشرين على التوالي، تحت شعار رئيسي: «ارحل». ومن جهة ثانية؛ تجري محادثات بين قطبي الحكومة، الليكود برئاسة نتنياهو وحزب «كحول لفان» برئاسة بيني غانتس، وزير الأمن، بغية التوصل إلى تفاهمات تمنع حل الكنيست (البرلمان) والتوجه لانتخابات مبكرة، التي إذا جرت، فإنها ستكون الرابعة في غضون سنتين.
وقد عقد غانتس جلسة مع وزير المالية، يسرائيل كاتس، ترمي إلى تسوية الخلافات بين الحزبين بشأن إقرار الموازنة العامة. ومع أن عناصر في الطرفين عدّوها محادثات عقيمة، بحسبان أن الهوة بينهما عميقة وليس سهلاً جسرها، فإن الخبراء يتوقعون أن تسفر في مرحلة ما عن تفاهم، بحسبان أن نتنياهو وغانتس يدركان أن الانتخابات ليست في صالح أي منهما.
وكان متظاهرون يؤيدون حل الكنيست وإسقاط الحكومة، قد حاولوا أمس التظاهر أمام بيت غانتس في مدينة راس العين، احتجاجاً على استمراره في التفاوض مع نتنياهو، لكن المستشار القضائي للحكومة منع هذه المظاهرة فتحولوا إلى مقر رئيس الحكومة، حيثما تجرى المظاهرات الأسبوعية. وحسب قادة المتظاهرين، فإن عدد المشاركين في المظاهرات الأسبوعية، عاد ليرتفع في الأسبوع الأخير ليصل إلى نحو 10 آلاف. وقد حاولت الشرطة الإسرائيليّة التضييق عليهم بشدة واعتقلت نحو 30 شخصاً منهم، بعضهم شكوا من اعتداءات جسدية وتعامل قاس، وقالوا إن الشرطة قررت اعتقال ليس من أخلّ بالنظام العام وبحركة السير؛ إنما فقط قررت اعتقال المناوئين البارزين لنتنياهو. وقد اندلعت مواجهات بين الشرطة والمحتجين، تسببت في إصابة عدد منهم بجراح خفيفة.
وقد قتل رجل مسن (80 عاماً) شارك في المظاهرة، بعد أن دهسته سيارة قرب مظاهرة القدس. ومع أن المتظاهرين اعتقدوا أنه دُهس بشكل متعمد من أنصار نتنياهو، فإن هذه الرواية نُفيت وسقطت خلال ساعات. وتبين أن الرجل سقط ببساطة نتيجة الدهس غير المتوقع، لأنه داخ فجأة وخارت قواه.
وقد انطلقت المظاهرات من 4 مناطق في القدس إلى نقطة الالتقاء أمام مقر إقامة نتنياهو، كما انطلقت عشرات السيارات في مواكب من مناطق مختلفة في البلاد، وصولاً إلى القدس، وقام نحو 300 شخص بالتظاهر أما بيت نتنياهو الشخصي في قيسارية.
يذكر أن الحلبة السياسية في إسرائيل تشهد حراكاً واسعاً عشية التوجه لانتخابات، رغم أن إمكانية وقف الانزلاق ما زالت قائمة. وبالإضافة إلى موجة انضمام الجنرالات السابقين إلى هذه الحلبة، بدأ تدفق شخصيات طبية ممن أبلوا بلاءً حسناً في مواجهة «كورونا»، معلنين رغبتهم في التأثير على الحياة السياسية بشكل أفضل. فقد كشفت «القناة 12» للتلفزيون عن قائمة جديدة يجري العمل عليها تضم مرشحين «مهنيين» تكنوقراطيين، أبرزهم مدير عام وزارة الصحة السابق، موشيه بار سيمان طوف، ومنسق شؤون مكافحة «كورونا» السابق، روني غَمزو، ورئيسة لجنة «كورونا» في الكنيست، يفعات شاشا بيطون. وبحسب القناة، فإن القائمة الجديدة ستعد بإدارة مختلفة لأزمة «كورونا». وسياسياً، تعتزم «القائمة» الإعلان أنها ستوصي بالمرشح الفائز بأعلى عدد أصوات في الانتخابات المقبلة، لتشكيل الحكومة، أي إنها لا تستبعد الانضمام إلى حكومة يرأسها بنيامين نتنياهو. وذكرت القناة أن القائمة في مراحل التأسيس المتقدّمة، وأنّها جمع تبرّعات ماليّة، بينما نفى سيمان طوف وشاشا بيطون أي علاقة لهما بالقائمة الجديدة.
وكان وزير الأمن الأسبق، موشيه يعالون، قد أعلن انشقاقه عن قائمة «يش عاتيد تيلم» برئاسة يائير لبيد، وتشكيل حزب جديد مع رئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق، غادي آيزنكوت. وذكرت القناة أن رئيس شعبة الاستخبارات العسكريّة في الجيش الإسرائيلي سابقاً، عاموس يدلين، قد ينضمّ إلى قائمة يعالون وآيزنكوت. إلا إن آيزنكوت ظهر في الإعلام، أمس، وقال إنه لا يرى نفسه في السياسة بعدُ، ولكنه أيضاً لا يستبعد الأمر.
(تل أبيب: نظير مجلي/الشرق الأوسط)