انت الآن تتصفح قسم : فن وثقافة

مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد.. تقديم كتاب “الهوية الإفريقية للثقافة المغربية”

أزيلال زووم 
احتضنت جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية بالرباط، اليوم الخميس 6 يوليوز، حفل تقديم كتاب “الهوية الإفريقية للثقافة المغربية”، وذلك بحضور ثلة من الشخصيات المرموقة في عالم الفن والثقافة.
ويسلط هذا المؤلف، الذي أعده مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد، الضوء على الهوية الإفريقية للثقافة المغربية من خلال جمع تأملات فنانين وفاعلين ثقافيين مغاربة.
وتناول الكتاب هذا الموضوع انطلاقا من سبر ثلاثة مستويات تعكس الأبعاد (الأنثروبولوجية و الاقتصادية والسياسية والتاريخية) لروابط وتأثير الموروث الإفريقي في الثقافة المغربية، ومبادرات الهيئات التي تدعم هذا البعد الثقافي من خلال فضاءات مخصصة للإبداع الفني، والمهنيين الذين يدعمون الفنانين الأفارقة، ونشر هذه الأعمال، بالإضافة إلى لمحات عن فنانين مغاربة تسلط الضوء على مصدر إلهامهم الإفريقي وإسهامهم في الإبداع الثقافي الإفريقي، وخاصة في مجالي السينما والموسيقى.
ويهدف الكتاب إلى اكتشاف وتحليل وتوثيق غنى الهوية الإفريقية للثقافة المغربية، بالإضافة إلى الأعمال والدلائل غير المعروفة لدى عامة الناس في غالب الأحيان. كما يدعو إلى تعزيز الاعتراف بالفنون وبلورة سياسات عمومية تخدم النهوض بقطاع الثقافة.
وفي كلمة بهذه المناسبة، أكد الباحث البارز بمركز السياسات من أجل الجنوب الجديد، العربي جعايدي، أن هذا العمل الذي يتمحور حول مسألة الهوية الإفريقية للثقافة المغربية يضم إسهامات العديد من الفاعلين في المشهد الثقافي، بغية التساؤل وتعميق التفكير حول سؤال تنوع وثراء الثقافة المغربية متعددة الروافد.
وأشار إلى أن هذا المؤلف يبرز إسهام المغرب في تطور الثقافة الإفريقية، وتأثير الثقافة الإفريقية على تطور إنتاج الإبداع الثقافي، مشيرا إلى أن الاعتراف بالثقافة على أنها ناقل للتنمية بات يتعزز على نحو مطرد.
واعتبر الباحث، أن من شأن التراث أن يكون عاملا غير مادي في خلق الثروة، في الوقت الذي تمثل فيه الصناعات الثقافية مصدرا لخلق القيمة وفرص الشغل في عالم منفتح على التبادل التجاري للسلع والخدمات، مضيفا أن الهاجس في عالم اليوم، الذي يشهد صعودا متناميا للصناعات الإبداعية والثقافية، يتمثل في التساؤل حول مكانة إفريقيا داخل هذا المشهد الجديد.
وسجل أن العولمة في الوقت الحاضر إنسانية وثقافية تتخللها توترات بين تجانس القيم وأنماط الحياة والاستهلاك والرغبة في حماية تراث الهوية، مؤكدا أن الثقافة توجد في صلب القوة الناعمة في عالم مضطرب حيث تميل القوة الصلبة إلى فرض نظام السلطة.
وقال إن هذا الكتاب، الذي جمع عددا من الفنانين ونقاد الفن والمؤسسات العاملة في المجال الثقافي، يسلط الضوء على التراث الثقافي في إفريقيا الذي يقدم محتوى لتطور الصناعات الثقافية في تناغم مع العالم المعاصر، مضيفا أن هذا العمل، الذي يعزز الرسوخ القاري للمغرب ومساهمته المهمة في الثقافة الإفريقية، يضع حصيلة للتحديات التي يجب التغلب عليها لتجديد حضور المملكة على الساحة الأفريقية والعالمية.
ومن جهتها أشارت نزهة العلوي محمدي الباحثة البارزة بمركز السياسات من أجل الجنوب الجديد، إلى أن صدور هذا الكتاب، الذي طال انتظاره، يعد فرصة للاحتفاء بثقافتنا الإفريقية العميقة وتسليط الضوء على غنى البعد الإفريقي للثقافة المغربية.
وأبرزت أن الثقافة بصرف النظر عن الهوية يمكن الاستعانة بها كرافعة في مجال الصناعات الثقافية، مذكرة بأنه منذ عدة سنوات، انخرطت البلدان الإفريقية في معركة من أجل استعادة تراثها الثقافي.
كما شددت على أهمية تشجيع التعرف على غنى وتنوع التراث والفنون والإبداع الإفريقي، مشيرة إلى أن هذه النهضة الثقافية ليست وليدة اليوم بل ثمرة مسلسل بدأ منذ زمن طويل ويتطلب تضافر جهود جميع الفاعلين السياسيين والمجتمع المدني.
واعتبرت السيدة العلوي محمدي، أن الهدف هو الاشتغال على الفن الإفريقي وبلورته ليأخذ مكانة دولية، لاسيما وأن إفريقيا في عالم الصناعات الإبداعية والثقافية، لا تمثل، للأسف، سوى 5 في المائة، في حين أنها تعتبر مهدا للإنسانية ومنبعا للإلهام الثقافي.
ويجسد هذا الكتاب، المنجز تحت إشراف نزهة العلوي محمدي والعربي الجعيدي، رؤية مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد في ما يخص تعزيز الرسوخ القاري للمغرب وإنتاج سرد جديد عن إفريقيا. ويشجع على التعاون بين الفاعلين الثقافيين من أجل تعزيز تنمية القطاع والانفتاح على الثقافة الإفريقية كمصدر للإلهام والحوار.
وتقوم الصناعات الثقافية والإبداعية بدور حاسم في إفريقيا، حيث تتيح فرصا كبيرة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية للقارة. وتشمل هذه الصناعات مجموعة واسعة من القطاعات مثل الموسيقى والسينما والأدب والفنون البصرية والأزياء، والتي تساهم في ازدهار الثقافات الإفريقية وإشعاعها على الصعيد الدولي.
وأكد الاتحاد الإفريقي التزامه بتخصيصه سنة 2021 لتنيمة “الفنون والثقافة والتراث: كرافعة لبناء إفريقيا التي نريدها”. وسلط الضوء على الدور الحاسم للقطاعات الإبداعية والثقافية في تحقيق أجندة سنة 2063. وقد تم إحراز تقدم كبير، مثل إعداد دليل لتنفيذ ميثاق النهضة الثقافية الإفريقية، وإدراج المتحف الكبير لإفريقيا في المشاريع الرئيسية لأجندة 2063 وإحداث اللجنة الإفريقية للسمعي البصري والسينما.
وتتمتع هذه الصناعات بقوة تحويلية من خلال تشجيع التبادل والحوار بين الثقافات، وبالتالي مد الجسور بين المجتمعات والبلدان والقارات. كما تقوم بدور جوهري في تعزيز التفاهم والتعاون والسلام.(ومع)